طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي ي (اضغط هنا للتحميل)

 الكتاب

كتاب في تراجم الرجال متخصص في طبقة معينة وهم الشعراء وقد قسمهم إلى قسمين :
القسم الأول في الشعراء الجاهليين ووضعهم في عشر طبقات وأصحاب المراثي وشعراء القرى العربية
والقسم الثاني وهم الشعراء الإسلاميين ووضعهم أيضا في عشرة طبقات يذكر أسماء الشعراء وأنسابهم وأخبارهم وشيئا من أشعارهم ومروياتهم الشعرية وفي آخر الكتاب فهارس عامة للكتاب ما عدا الأشعار

 الكاتب ابن سلام الجمحي

و أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن سالم أو ( سلاّم ) الجمحي الأصفهاني أو البصـــري مولى بن مطغون الجمحي . ولد بالبصرة سنة 139هـ . أخذ عن الخليل بن أحمد الفراهدي . وكانت وفاته في (231 أو 232هـ ) ببغداد ، وبذلك عمّر نحو 93 سنـــة .
روى عنه الرياشي والمازني وأحمد بن حنبل وابنه عبد الله بن حنبل وأبو خليفة وغيرهم . وأمّا شيوخه الذين روى عنهم وذكرهم في كتابه طبقات فحول الشعراء ، فعددهم تسعة وسبعون . كما روى عن آخرين ذكرهم بجمل ودون أسماء لقوله : بعض أصحابنا ) (بعض أهل الكوفة ) – ( بعض أهل العلم من المدينة ) – ( بعض رواة قيس وعلمائهم ) . فأبوه هو ابن ســلاّم ، وأخوه عبد الرحمن من رواة الحديث ، وأبو خليفة هو ابن أخت محمد بن سلاّم صاحب الطبقات ، روى عنه كتبه ، وهو راوية للأخبار والأشعار والآداب والأنساب والحديــث ، كان عالما ثقة أعمى ، تولّى القضاء بالبصرة بين 293 و 295هـ . ومحمد بن سلام كان يفهم الفارسية كما ورد في أحد الأخبار من كتاب أبي أحمد العسكري ( شرح ما يقع في التّصحيف )

   رباعيات الخيام غياث الدين عمر الخيام النيسابوري (اضغط هنا للتحمي)

أبو الفتح غياث الدين عمر بن إبراهيم الخيام النيسابوري ، ولد في نيسابور عاصمة خراسان عام 433هـ في عهد السلطان ( أرطغرل ) أول ملوك بني سلجوق ، وتوفي عام 517 هـ في عهد السلطان ( سنجر ) نهل من العلوم العقلية والنقلية حتى ارتوى.
ومما يؤسف له حقاً ، أنه لا يذكر عمر الخيام ، حتى ترتسم على الأذهان والأفكار ، صور القيان والخمور والدنان ، ومجالس اللهو والغلمان ، أما مكانته السامية ، وعبقريته الفذة ، في العلم والمعرفة ، فقد بقيت مسطرة في بطون كتب التاريخ ، حتى غلفها ولفها النسيان.
قال محمد الشهرزوري في كتابه » نزهة الأرواح وروضة الأفراح « :
كان عمر الخيام تلو ابن سينا في علوم الحكمة ، كان يميل إلى التصنيف والتعليم ، وله مختصر في الطبيعيات ، ورسالة في الوجود ، ورسالة في الكون ، والتكليف ، وكان عالماً في الفقه ، واللغة ، والتاريخ ، وأما علوم الحكمة فقد كان حجة فيها…… وله أشعار حسنة بالفارسية ، والعربية .
وقال أحمد العروضي السمرقندي في كتابه » جهار مقالة « :
حكيم نيسابور ، فلقد كان عالماً كبيراً ، وحكيماً فلكياً ، ورياضياً عظيماً ، وفقيهاً ، ومقرئاً للقرآن الكريم ، أستاذ زمانه ، وإمام عهده ، وحجة عصره.
والغريب في هذا وذاك أننا لم نلحظهما يشيران إلى رباعياته !!!
وأما العالم الجليل ( ظهير الدين البيهقي ) الذي عاصر الخيام ، وتباحث معه في مسائل لغوية وفلكية ، ولم يأت أيضاً على ذكر الرباعيات !!
وعلاوة على ذلك فإن عمر الخيام عاش في فترة زمنية مباركة ، يكرم فيها العالم ، ويسقط فيها الجاهل ، وكلمة الحق فيها عالية ، يمدح المرء لعلمه وتقواه ، ويذم لجهله وفسوقه ، في هذه الفترة عرف الخيام بأنه عالم حكيم وفقيه وفلكي ولغوي ومؤرخ ، ولم يعرف أنه صاحب رباعيات شعرية ، تفوح منها رائحة الخمور ، وتتجسد في كلماتها صور القيان والغانيات ، وتخيم عليها ظلمة الشك ، فهل يا ترى هذه الرباعيات حقيقة ؟ أم أنها موضوعة ومنسوبة ؟
ومما يزيد الشك والريب ، أنه لا توجد نسخة مدونة لهذه الرباعيات قريبة من مولده أو وفاته ، وأول نسخة ظهرت بعد وفاته بثلاثمائة وخمسين عاماً ، ولا يعرف مصدرها ، وزيادة على ذلك فهي أشعار تتعارض مع فكر وعقيدة صاحبها ؟!! ولا يوجد أحد عاصره ثم نسب الرباعيات إليه !
ثم نلاحظ أيضاً الاهتمام الزائد بهذه الرباعيات ، هل هذا الاهتمام بدافع حب الأدب ؟ والإنصاف للتاريخ ؟ المسألة فيها نظر ، لأن الرباعيات ترجمت إلى اللغات الغربية والشرقية، وأول من كتب عن عمر الخيام من الغربيين ( توماس هايد ) الإنكليزي الأصل والمدرس في جامعة أكسفورد ، ثم ظهرت ترجمة ( فون هامر برغستل) النمساوي ، وبين أن هذه الرباعيات مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي.
أما الترجمات العربية ، فد ظهرت ترجمة الشاعر اللبناني وديع البستاني عام 1912م ، وترجمة الشاعر المصري أحمد رامي عام 1923م ، وثبت رسوماً تصور الخمرة والغانيات.
كشف اللثام عن رباعيات الخيام :
هذا اسم كتاب لشيخ علماء تركستان السيد مبشر الطرازي ، يقول فيه :
إنهم وجدوا معاني تلك الرباعيات وأهدافها متفقة مع أهواء الغرب من شرب الخمر ، ومصاحبة الغانيات ، وإمرار الحياة بما يمكن من الفرح والسرور والحرية المطلقة ، وإن خواص الغربيين ممن لهم علاقة بالتبشير ، وجدوا في هذه الرباعيات بغيتهم المنشودة في طعن الدين الإسلامي ، والاستهزاء بتعاليمه المقدسة ، مستندين في ذلك على مقولات مختلقة مزعومة ، نسبت إلى رجل عظيم من عظماء الشرق ، وعالم من علماء الإسلام ، وإمام من أئمة المؤمنين ، فاستفادوا من ترجمة هذه الهذيانات باسم فلسفة الخيام ، وذلك في عدائهم للدين الإسلامي ، وثمة ناحية سياسية دقيقة ، لعبت بها يد الاستعمار
في الشرق، ولا سيما في إيران ، ومستعمراتها بلاد الهند ، وكأن ( فيتز جرالد )
ـ الكاتب الإنكليزي الذي ترجم الرباعيات سنة 1858م في لندن ـ قد استجاب لإشارة من قبل بعض ساسة الإنكليز ، فقدم للمستعمر المحتال خدمة مشكورة تحت ستار ـ دراسة الأدب ـ فكانت خدعة موفقة في أغراضها ، ناجحة في أهدافها ، حيث تمكن من نشر السموم الفتاكة بين أبناء الشرق عامة ، وأبناء المستعمرة الهند وجارتها إيران خاصة ، فهو تحت شعار الأدب دعاهم ـ باسم عالِمِهِم وشاعِرِهِم ـ إلى تعاطي الخمور، ومغازلة النساء ، وملازمة السرور والغناء ، ومجانبة السعي ، والركون إلى الخمود والكسل والجمود ، وحثهم على الإباحية والزندقة .
وقال الفيلسوف الإسلامي ( رضا توفيق بي ) :
إن هذا الفوز الذي كتب لرباعيات الخيام لدى الغربيين ، إنما كان منبعثاً عن فهم الخيام معنى الحياة ، وفق عقيدة المدنية الحاضرة وذوقها.
وكأن الخيام ضمن هذه الرباعيات هوى القلوب على مختلف المشارب ، وترجم عن إحساس الناس ، وعن شعورهم وشكوكهم وتخيلاتهم ، وباح بمكنونات دخائلهم ، ولكن الأمر ليس كذلك ، فهذه الرباعيات ليست كلها لعمر الخيام ، لأن جلها تناقض عقيدة الخيام ، وفيها الغث والسمين ، والرخيص والخسيس والنفيس ، ولا أنكر شاعرية الخيام ، فقد قال الشهرزوري : له أشعار حسنة بالفارسية والعربية ، ولم يقل له أشعار خسيسة ، لذلك ما كان منها يحمل معنى سامياً هادفاً يمكن أن يكون من شعره ، منها مثلاً :
يا عالم الأسرار علم اليقين يا كاشف الضر عن البائسين
يا قابل الأعذار فئـنا إلى ظلـك فاقبل توبة التائبـين
وكذلك قوله :
إن لم أكن أخلصتُ في طاعتك فإننـي أطـمع فـي رحمتك
وإنـما يشـفع لـي أننـي قد عشت لا أشرك في وحدتك
مثل هذه الأبيات يمكن أن تجود بها قريحة الخيام ، أما تلك الرباعيات المبتذلة ، والتي تدعو إلى المجون ، والركون إلى الخمور ، وتحث على الخنوع والكسل ، كالرباعية التي تقول :
لبستُ ثوب العيش لم أُسْنَشَر وحرت فيه بيـن شـتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرك لماذا جئت ؟! أين المقـر؟!
وهكذا نعلم أن عمر الخيام ، العالم الجليل ، والفقيه المؤمن ، بريء من أمثال هذه الرباعيات ، ولو كانت له مثل هذه الرباعيات المستنكرة والخليعة ، لردَّ عليها المؤرخون ، وهو الذي عاش في عهد كان العلماء ينهضون بواجبهم ، كحجة الإسلام الغزالي ، والقاضي أبو نصر النسوي ، وظهير الدين البيهقي ، والزمخشري ، والشهرزوري ، والسمرقندي، وغيرهم ممن عرف عنهم غيرتهم على الدين ، وتفانيهم في الذب عن أحكام الشريعة ،حالهم ينبي عن قالهم ، وأعمالهم صور متحركة من أفكارهم ، فلما اتفقوا على أنه مجدد المائة الخامسة للإسلام ، وسعوا دائرة الشك حول هذه الرباعيات.

الأصمعيات للأصمعي

أكتوبر 14, 2007


 
 
 
 

الأصمعيات للأصمعي (اضغط هنا للتحميل)

الأصمعيات” اثنتان وتسعون قصيدة ومقطعة لواحد وسبعين شاعراً منهم ستة شعراء إسلاميون، وأربعة عشر شاعراً مخضرمون، وأربعة وأربعون جاهليون، وسبعة مجهولون، ليست لهم في المظان تراجم تكشف عن عصورهم. وقد عرفت هذه المجموعة المختارة من عيون الشعر العربي باسم صانع اختيارها: الأصمعي.

والأصمعيات المطبوعة يعود تاريخها الأول إلى عام 1902/1320هـ، حيث أصدرها المستشرق وليم بن الورد في مدينة ليبزج بألمانيا، في إطار ما أسماه “مجموعة أشعار العرب”. وقد صدرت مرات أخرى فيما بعد مأخوذة عن النسخة الشنقيطية المحفوظة في دار الكتب المصرية.

وإذا كان الأصمعي، مثله مثل علماء الطبقة الأولى من الرواة، لا يستند روايته في الغالب غير أننا نراه أحياناً في بعض اختياراته من الأصمعيات.

والاهتمام بسند رواية الأصمعي، ظهر عند ابن النديم في فهرسته إذ قال: “وعمل الأصمعي قطعة كبيرة من أشعار العرب ليست بالمرضية عند العلماء لقلة غريبها واختصار روايتها”.

أما على صعيد الرواية، فقد وجد الدكتور ناصر الدين الأسد، أن علماء الطبقة الأولى “لم يسندوا إلى من قبلهم من العلماء، إلا في القليل النادر. وإن ذلك لم يعد عيباً ولا نقصاً فيهم، ولا فيما يروون.

وبعد إثبات صحة رواية الأصمعيات التي اختارها الأصمعي، ينتقل الدكتور ناصر الدين الأسد ليؤكد ما ذكره ابن النديم في اختصار رواية الأشعار، وأن ذلك كان شأناً من شؤون الاختيار الذي سمّاه بالاختصار.

فالأصمعي حين يختار هذه الأشعار، لا يروي القصيدة كاملة، بل ربما كان يختار أبياتاً أو قطعاً صغيرة، ومن ثم يعمد إلى إغفال ذكر سائر الأبيات.

فالأصمعيات إذاً، بسندها وروايتها، موثوقة إلى أعلى درجة. ولكثرة منا فيها من الألفاظ المهجورة، اعتبرت ثاني المجموعات الشعرية بعد المفضليات، أفاد من غريبها الشراح، وإن كان قليلاً، لأن الأصمعي كان ينحو نحو تعليم الشعر العربي، بما هو سهل منه، وشائع وحصين، لا بما هو غريب فقط، فكان ذلك مما ميز الأصمعيات عن المفضليات، وتلك غاية سامقة، بلغها الأصمعي عن حق وعن جدارة. فمن هو هذا الرجل؟

الأصمعي إنه أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي. من مشاهير علماء اللغة، ولد بالبصرة عام 122هـ/ 740م ومات فيها عام 213هـ/821م. نسب إلى جدّ له يدعى “الأصمع”، ونشأ في ظروف مضطربة، وانكب على التحصيل في جد ونشاط في مسقط رأسه، وأفاد من دروس الخليل وأبي عمرو عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء. وسرعان ما أصبح شيخاً يسمع له الناس في البصرة.

كان ضليعاً في لغة الأعراب ولهجاتهم، كما كان على دراية تامة بفنون الشعر. وقد وصلت شهرته إلى أسماع هارون الرشيد، فاستدعاه إلى بلاطه ببغداد، وجعله مؤدباً لولي عهده، وهناك تزعم الحياة العقلية الناشطة، التي كان يحياها في بلاط الخليفة.

وكان الأصمعي، مثال المسلم الواعي، الدقيق في درسه، فلم ينشر ولم يفسر ما فيه من ذكر الأنواء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذكرها لتعلقها بأديان الجاهلية وكان إلى ذلك، معظماً للسنة والرواية، كارهاً للبدعة والرأي. وللأصمعي مؤلفات شتى منها: كتاب “خلق الإنسان”، “خلق الإبل”.

الناشر:
لا شك أن ديوان الأصمعيات، يتألف من اثنتين وتسعين قصدية ومقطعاً لواحد وسبعين شاعراً، معظمهم من شعراء العصر الجاهلي.

وقد صنع الأصمعي اختيار هذه المجموعة، على نهج المفضل الضبي.

من أجل تأديب الخليفة المأمون، ولي عهد الخليفة هارون الرشيد، مما دفع بالعلماء القدماء إلى اعتبارها ثاني المجموعات الشعرية عند العرب، إن من حيث تصنيفها أو من حيث تدوينها.

ومن هنا، فإن الأصمعيات، مثلها مثل المفضليات على درجة عظيمة من الوفرة الأدبية واللغوية والعلمية، وهي بالتالي ضرورة لكل متأدب عربي أو إسلامي في عصرنا الحاضر، كما هي ضرورية لكل باحث في شؤون العرب والمسلمين في تاريخهم القديم.

أشعار النساء

أكتوبر 14, 2007

مؤلف كتاب «أشعار النساء» هو: أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني. الخراساني الأصل، البغدادي المولد، ولد سنة 297هـ، ثم عاش حياته كلها في القراءة والكتابة، وكان فاضلاً ذكياً، راوية مكثراً، كثير المشايخ، ممتع المحاضرة والمذاكرة. كان عضد الدولة «فناخسرء بن بويه» على كبره وتعظمه، يجتاز ببابه فيقف بالباب حتى يخرج إليه أبو عبيدالله، فيسلم عليه ويسأله عن حاله، 

وكان ثقة صدوقاً، عرف الأقدمون فضله، وقدروا علمه، فسعوا إليه وقصدوه في داره. وقد أجمع مترجموه على أنه كان معتزلياً، وصنف كتاباً كبيراً في أخبار المعتزلة. للمرزباني» مؤلفات كثيرة ضخمة، تتجاوز الستين مؤلفاً، لعل من أهمها: الموثق في أخبار الشعراء المشهورين من الجاهليين والإسلاميين إلى الدولة العباسية، 

المستنير في أخبار الشعراء المحدثين المشهورين، المفيد، أشعار الخلفاء، أشعار الجن، الرياض في أخبار المتيمين والعاشقين، الأنوار والثمار، العبادة، المراثي، المفصل في البيان والفصاحة..» وقد توفي «المرزباني» سنة 384ه، وصلى عليه أبو بكر الخوارزمي الفقيه، ودفن في داره بشارع عمرو الرومي ببغداد. 

أما كتابه «أشعار النساء» فقد تضمن تراجم لثماني وثلاثين شاعرة أغلبهن لا ذكر له في الكتب المطبوعة، كذلك انفرد مؤلفه بكثير من الأشعار والأخبار، وأضاف إضافة قيمة لشعر النساء الخارجيات وهو بذل يضيف أشياء جديدة وكثيرة إلى ديوان المرأة العربية، وقد اتبع المرزباني قي كتابه هذا «أشعار النساء» نهجاً خاصاً أبرز ملامحه: 

1 – صنّف الشواعر وفقاً لقبائلهن. 

2 –  أسند الأخبار إلى مصادرها من رواة أو محدثين، فقبل كل خبر ذكر ما نصه: كتب إليّ فلان، أو وجدت بخط فلان، أو أخبرني فلان، أو حدثنا فلان. 

3 – وكان يشير إلى الاختلاف في الروايات والاختلاف في نسبة الأبيات. 

4 – كان يفسر الكلمات الغريبة في بعض المواضع. 

5 – اختلف مقدار الترجمة طولاً أو قصراً بحسب أهمية الشاعرة. 

يبدأ الكتاب بأخبار ليلى مع النابغة الجعدي وما كان بينهما من هجاء مقذع، وليلى هذه هي «ليلة الأخيلية» الشاعرة التي كان لها حضور شعري كبير في العصر الأموي، وبخاصة ما قالته مادحة في بني أمية وفي مروان بن الحكم، وكانت قصيدتها قد بدأت: 

(طربت وما هذا بساعة مطرب / إذا الحيّ حلّوا بين عاذ فحجب) 

إلى أن تقول فيه: 

(فإنك بعد الله أنت أميرها/ وقنعانها في كل خوف ومرغب) 

ومن ثم ينتقل إلى أخبارها مع الحجاج بن يوسف حيث دخلت عليه فأنشدته: 

(فنعم فتى الدنيا لئن كان فاجراً  / وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر) 

(فتى هو أحيا من فتاة حيّيه  / وأشجع من ليث بخفّان خادر) 

ثم ينتقل إلى «بني عقيل» وشاعرتهم «ريّا بنت الأعرف» وكيف أن زوجها نهاها عن قول الغزل، ولكنها لم تستطع فطلقها فقالت: 

(فإن تضربوا ظهري وبطني كليهما  / فليس لقلب بين جنبيّ ضارب-

يقولون: عز النفس عمن توده/ 

وكيف عزاء النفس والشوق غالب) 

ويورد ما قالته ضباعة بنت عامر بن قرط ترثي زوجها هشام بن المغيرة: 

(إنك لو وألت إلى هشام/ 

آمنت وكنت في حرم مقيم- 

كريم الخيم خفاق حشاه/ 

ثمال لليتيمة واليتيم) 

وهكذا ينتقل الباحث من قبيلة عربية إلى أخرى ليعرض علينا شاعرات تلك القبيلة وما الأغراض الشعرية التي قالتها تلك الشاعرات

 أشعار النساء

ديوان المعاني

أكتوبر 14, 2007

موضوع الألفاظ و المعاني في نظري موضوع في غاية الأهمية…. يستمد هذا الموضوع أهميته من أسباب عدة، أولها قيمة اللغة و تأثير الكلمة في مسامع الناس، و هناك شواهد عديدة في هذا العالم سابقا و لاحقا تبين و تدلل على أن كثير من قواد الثورات و من مأسسي الحضارات لم يقودوا الناس بالسلاح و إنما قادوهم بالكلمة، السبب الثاني يتمثل في البعد الذي نشأ بين الناس و اللغة في ظل الحياة المادية التي نحياها اليوم، السبب الثالث و الأخير هو استغلال فئة قليلة من الناس جهل الغالبية العظمى بهذه اللغة و بعدهم عنها، فاتخذت هذه الشرذمة القليلة من عقول تلك العامة الغفيرة متسعا يسرحون و يمرحون به كيفما شاؤوا و أنما أحبوا و استطابوا، دون حسيب أو رقيب، دون عاقل يقف على ما يقولون، أو عارف يتصدى لما يكتبون، فكانت النتيجة أن ماجت الأفكار وضُيعت العقائد و نُسفت القواعد واختلط الحابل بالنابل، و أصحبت الألفاظ بمفردها هي المطلب الوحيد الذي يحتاجه أي كاتب أو أي صاحب دعوة حتى يفتح القلوب و يقتحم العقول، دون الحاجة إلى معنى يقف وراء تلك الألفاظ أو ضابط يضبطها.

ديوان المعاني

جمهرة الأمثال

أكتوبر 14, 2007

كتاب جمهرة الأمثال
ابو هلال العسكري

نحن نعلم أن أساليب الكلام متنوعة ، وأن وجوه القول ، مختلفة ، وأن الطريق إلى إقناع العقول ، واستمالة القلوب ، وجذب النفوس ، يحتاج إلى إلماماً بهذا التنوع والاختلاف في أساليب القول ، التي لها آثارها ، فيما يتصل بالإقناع والمحبة ، والتوجيه .
والأمثال باب ، من أبواب القول ، وهي في الوقت نفسه ميدان من ميادين التربية ، فهناك التربية بالقدوة ، والتربية بالقصة ، والتربية أيضاً بضرب الأمثال .

فالله عز وجل ، له الحكمة البالغة ، وكتابه وآياته وكلامه سبحانه وتعالى ، هو البالغ الذروة ، في الجودة ، والإتقان ، والصحة والإصابة ، إضافة إلى قوة الإقناع ، وشدة التأثير .
والله جل وعلا في كتابه وكلامه ، العزيز قد ضرب الأمثال ، وأكثر من ذكرها ، ونوع من صـور عرضها ، وما ذلك قطعاً إلا بما فيها من الأثر والفائدة .
والله سبحانه وتعالى قد قال في شأن الأمثال : { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } [ العنكبوت:43 ] .
وقال جل وعلا : { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [ الحشر:21 ] .
وبيّن الحق – جل وعلا – أن الأمثال وضربها ، ليس عبثاً ، وإنما يشتمل ، على حكمة ، ودعوة ، وعلى تربية ، وتوجيه ، يتحقق به ما لا يتحقق بغير
ه.

http://medelomari.free.fr/hilal.htm

(كتاب الصناعتين البحث عن  البلاغة العامة)جمهرة الأمثال

الصداقة والصديق

أكتوبر 13, 2007

عاطفة سامية القدر، غزيرة الفائدة، تلك هي الصداقة.
والشارع رغب في أن تكون المعاملة بين المسلمين معاملة الصديق للصديق؛ ألا ترونه كيف أمر المسلم بأن يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه؟، بل استحب للمسلم أن يؤثر أخاه المسلم وإن كان به حاجة، وذلك أقصى ما يفعله الصديق مع صديقه.
هذا الأدب الإسلامي نبهني لأن أتحدث إليكم في هذه الليلة عن الصداقة:
ما هي الصداقة؟:
المحبة إما أن تكون للمنفعة، وإما أن تكون للذة، وإما أن تكون للفضيلة، وقد يطلق على كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة اسم الصداقة.
صداقة المنفعة:
هي أن يحب الإنسان شخصاً لما يناله منه من منافع، وشأنُ هذه الصداقة أن تبقى معقودة بين الشخصين ما دامت المنافع جارية، فإن انقطعت المنافع انقطعت هذه الصداقة.
صداقة اللذة:
هي المحبة التي تثيرها الشهوة، وقد تشتد فتسمى عشقاً، وشأن هذه الصداقة -أيض- أن تنقطع عندما تنصرف النفس عن اللذة التي بعثتها.
صداقة الفضيلة:
هي المحبة التي يكون باعثُها اعتقادُ كلٍّ من الشخصين أن صاحبه على جانب من كمال النفس، وهذه هي الصداقة التي يهمنا الحديث عنها في هذا المقام.
الصداقة فضيلة:
ليست صداقة المنفعة، ولا صداقة اللذة بمعدودة في خصال الشرف، وإنما الذي يصح أن يعد خصلة شريفة هو الصداقة التي يبعثها في نفسك مجردُ اعتقادِ أن صاحبك يتحلى بخلق كريم.
وهذه الصداقة تشبه سائر الفضائل في رسوخها في النفس، وإيتائها ثمراً طيباً في كل حين، وهي التي توجد من الجبان شجاعة، ومن البخيل سخاءًا؛ فالجبان قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يخوض في خطر؛ ليحمي صديقه من نكبة، والبخيل قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يبذل جانباً من ماله لإنقاذ صديقه من شدة؛ فالصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة؛ فالمتكبر تنزل به الصداقة إلى أن يتواضع لأصدقائه، وسريع الغضب تضع الصداقة في نفسه شيئاً من كظم الغيظ، ويجلس لأصدقائه في حلم وأناة، وربما اعتاد التواضع والحلم، فيصير بعدُ متواضعاً حليماً.
والفضل في خروجه من رذيلتي الكبر وطيش الغضب عائد إلى الصداقة.
وإن شئت فقل: إن حب الشخص لك لفضيلتك علامة على كمال أصل خلقه؛ فإنك لا ترجو من شخص أن يحبك لفضيلتك إلا أن يكون صاحب فضيلة.
وليس يعرف لي فضلي ولا أدبي * إلا امرؤ كان ذا فضل وذا أدب
الداعي إلى اتخاذ الأصدقاء:
في اتخاذِ صديقٍ حميمٍ لذةٌ روحية يدركها من يَسَّر الله له أن انعقدت بينه وبين رجل من ذوي الأخلاق النبيلة، والآداب العالية مودة، ولا منشأ لهذه اللذة الروحية إلا الشعور بما بينه وبين ذلك الرجل النبيل المهذب من صداقة.
وصديق الفضيلة هو الذي يجد في لقاء صديقه ارتياحاً وابتهاجاً، ويعد الوقت الذي يقضيه في الأنس به من أطيب الأوقات التي لا تسمح بها الأيام إلا قليلاً.
ثم إن الصداقةوإن قامت على أساس الفضيلة، ولم يكن للمنفعة أثر في تكوين رابطتهاتستدعي بطبيعتها جلب المنفعة أو دفع الضرر؛ فإنها تبعث الصديق على أن يدفع عن صديقه الأذى بما عنده من قوة، وتهزه لأن يسعده في الشدائد بما أوتي من جاه أو سطوة.
ولمثل هذا أوصى بعض الحكماء باتخاذ الأصدقاء فقال: “أعجز الناس من فرط في طلب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم “.
وقال الشاعر الحكيم:
لعمرك ما مال الفتى بذخيرة * ولكن إخوان الثقات الذخائر
الاستكثار من الأصدقاء:
متى حظي الإنسان بأصدقاء كثيرين فقد ساقت له الأقدار خيراً كثيراً، ففي الصداقة ابتهاج القلب عند لقاء الصديق، وفيها لذة روحية ولو في حال غيبة الصديق، وفيها عون على تخفيف مصائب الحياة.
وكذلك أوصى بعض الحكماء ابنه فقال: “يا بني إذا دخلت المصر، فاستكثر من الصديق أما العدو فلا يهمنك“.
وقال بعض الأدباء:
ولن تنفك تُحسد أو تُعادى * فأكثر ما استطعت من الصديق
ومبنى هذه النصيحة على أن شأن حساد الرجل وأعدائه تدبير الوسائل للكيد له، وطَرْقُ كلِّ باب يحتمل أن يكون من ورائه ما يشفي صدورهم؛ فإذا ساعده القدر على أن يُكْثِر من الأصدقاء فقد أكثر من الألسنةِ التي تدحض ما يُرمى به من المزاعم، والأيدي التي تساعده على السلامة من الأذى.
علامة الصداقة الفاضلة:
ليس من علامة الصداقة الفاضلة أن يقوم لك الرجل مُبْتَدراً، أو يلاقيك باسماً، أو يثني عليك في وجهك مسهباً ومكرراً؛ فذلك شيء يفعله كثير من الناس مع من يحملون له أشدَّ العداوة والبغضاء، وأصبح كثير منهم يعدونه من الكياسة، ويخادعون به من إذا أسمعوه مدحاً فكأنما سقوه خمراً.
وربما استثقلوا من لم يسلك هذه الشعبة من النفاق، ونسبوه إلى جفاء الطبع، وقلة التدرب على الآداب الجارية في هذا العصر.
وقد ذكر الأدباء للصداقة الخالصة علامات منها أن يدفع عنك وأنت غائب عنه.
قال العتابي:
وليس أخي مَنْ ودَّني رأيَ عينِه * ولكن أخي من صدَّقْتهُ المغائب

ومنها أن تكون مودته في حال استغنائك عنه واحتياجك إليه سواءًا.
قال الأحنف بن قيس: “خير الإخوان من إن استغنيت عنه لم يزدك في المودة، وإن احتجت إليه لم ينقصك منه“.
ومنها أن ينهض لكشف الكربة عنك ما استطاع كشفها، لا يحمله على ذلك إلا الوفاء بعهد الصداقة، قال بعضهم في صديق له:
وكنت إذا الشدائد أرهقتني * يقوم لها وأقعد أو أقوم
والألمعي يَعْرف الصداقة من نظرات العيون، ويحسها في أساليب الخطاب، ويلمحها من وراء أحرف الرسائل:
والنفس تدرك من عيني محدثها * إن كان من حِزْبها أو مِنْ أعَاديها
ومن الْمُثُل العالية للصداقة المتينة صداقة الوزير الوليد بن عبد الرحمن بن غانم للوزير هاشم بن عبدالعزيز.
نقرأ في تاريخ الأندلس أن الوزير هاشماً بعثه السلطان محمد ابن عبدالرحمن الأموي على رأس جيش، فوقع هذا الوزير أسيراً في يد العدو، وجرى ذكره يوماً في مجلس السلطان محمد بن عبدالرحمن، فاستقصره السلطان، ونسبه للطيش والعجلة والاستبداد بالرأي، فلم ينطق أحد الحاضرين في الاعتذار عنه بكلمة، ما عدا صديقه الوليد؛ فإنه قال: “أصلح الله -تعالى- الأمير، إنه لم يكن على هاشم التخير في الأمور، ولا الخروج عن المقدور، بل قد استعمل جهده، واستفرغ نصحه، وقضى حق الإقدام، ولم يكن ملاك النصر بيدهِ، فخذله مَنْ وثق به، ونَكَل عنه من كان معه، فلم يزحزح قدمه عن موطن حفاظه، حتى مُلِكَ مقبلاً غير مدبر، ملبياً غير فشل، فجوزي خيراً عن نفسه وسلطانه؛ فإنه لا طريق للملامة عليه، وليس عليه ما جنته الحرب الغشوم.
وأيضاً فإنه ما قصد أن يجود بنفسه إلا رضاً للأمير، واجتناباً لسخطه، فإذا كان ما اعتمد فيه الرضا جالب التقصير، فذلك معدود في سوء الحظ“.
وقع هذا الاعتذار من السلطان موقع الإعجاب، وشكر للوليد وفاءه لهاشم، وترك تفنيد هاشم، وسعى في تخليصه.
ووصل خبر هذا الاعتذار إلى هاشم، فكتب خطاب شكر للوليد ومما يقول في هذا الخطاب: “الصديق من صدقك في الشدة لا في الرخاء، والأخ من ذب عنك في الغيب لا في المشهد، والوفي من وفى لك إذا خانك زمان

                                              الصداقة والصديق ابو حيان التوحيدي(اضغط هنا)

السيوطي

أكتوبر 13, 2007

نزهة الجلساء في أشعار النساء _اضغط هنا للتحميل_من نوادر كتب السيوطي المولود (يوم الأحد 1 / رجب / 849هـ) نقل فيه من كتب الأدب أخبار أربعين شاعرة، من شواعر الشرق والغرب. واكتفى فيه بذكر ما تلا عصر الصحابة من الشواعر، لأن الجاهليات والمخضرمات والصحابيات كما يقول لا يحصين كثرة، بحيث إن ابن الطراح جمع كتاباً في (أخبار النساء الشواعر) من العربيات اللاتي يستشهد بشعرهن، فجاء في عدة مجلدات، قال: (رأيت منه المجلد السادس، وليس بآخره) طبع الكتاب لأول مرة بعناية عبد اللطيف عاشور (القاهرة: مكتبة القرآن) باعتماد مخطوطة المكتبة التيمورية بمصر. وتقع في (49) صفحة، وقع ناسخها في الكثير من التصحيف والتحريف قدم له ناشره بكلمة للعقاد عن المرأة نقتطف منها قوله: (قد تحسن المرأة كتابة القصص، وقد تحسن التمثيل، والرقص، وضروب الفنون الجميلة، ولكنها لا تحسن الشعر، ولم يشتمل تاريخ الدنيا كله بعد على شاعرة عظيمة، لأن الأنوثة أدنى إلى تسليم وجودها لمن يستولي عليه من زوج أو حبيب). وانظر (مصادر الأدب النسائي في العالم العربي الحديث) جوزيف زيدان. جدة: 1406هـ يضم القسم الأول منه (486) علماً من أعلام الأدب النسائ

المقدمة (محمد جبار)

أكتوبر 13, 2007

أي قيمة لهذه الحياة إذا لم يكن فيها الإنسان؟ وأي قيمة لهذا الإنسان إذا بني على غير هدى ولا بصيرة ولا استقامة؟ أي قيمة لبناء البيوت الشاهقة الفرهة إذا لم يعش فيها إنسان سوي البناء؟ بل أي قيمة لأي بناء وإن كان مسجدا إذا لم يعمر بذات مسلمة صالحة مصلحة؟ ما المقصود ببناء الذات؟ بناء الذات هنا معناه صياغة الإنسان بالأنموذج الإسلامي وتغييره وفق قيم الإسلام ومرجعيته الحضارية. لتأهيله لتمثل هذا الدين وتمثيله كحركة وكمشروع تغييري يؤطر المجتمع والحياة بالإسلام ويصنع التاريخ، أداء للأمانة، وتحقيقا للشهادة، وتسخيرا للسنن، وإعمارا للكون، واستخلافا لله، وتعبدا له سبحانه، وابتغاء لجنته ورضاه.

بناء الذات فريضة وضرورة

إن بناء ذات الإنسان هو الواجب الأكثر استعجالا في هذا الوجود، وهو فريضة شرعية وضرورة حضارية.

* والفريضة الشرعية لبناء الذات المسلمة نتلمسها في نصوص وتشريعات عدة؛ ويكفي دليلا وصف الحديث الشريف للإسلام ككل في شكل بناء: «بني الإسلام على خمس …»، وتشير الآية الكريمة إلى تكامل بناء الذوات ليصير المؤمنون بناء متراصا: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص}. ولذلك يلخص النبي -صلى الله عليه وسلم- رسالته التغييرية في جهد بنائي: «إنما بعثت معلما» ولا تخفى دلالة التعليم على بناء الإنسان. بهذا الطرح يصير بناء الذات منهجا إسلاميا متكاملا يحتاج منا إلى وعي وممارسة.

* وإضافة إلى البعد الشرعي فإن بناء الذات ضرورة حضارية يقتضيها الترقي البشري روحيا ومعرفيا وسلوكيا في ظل الأنموذج الإسلامي السوي، كما يقتضيها تدني الأنموذج الغربي بالإنسانية. فيشترك إذن الموروث التاريخي الإسلامي مع الواقع المعيش في بيان ضرورة إعادة بناء الذات وفق الأنموذج الذي زكاها لا وفق الذي دساها.

مراحل بناء الذات

إن الوعي بفريضة وضرورة بناء الذات غير كاف لتحقيق الذات، لأن ذلك منبن على عملية ذات مراحل يجب أن تعجن الذات الإنسانية من خلالها لتصاغ صياغة مسلمة.

ويمكن أن نلخص هذه المراحل في ثلاث:

أولا – مرحلة التأسيس:

لا يمكن أن نصوغ إنسانا بأي قالب ديني او فكري قبل أن نجعله مستعدا لتقبل هذه القولبة نظريا وعمليا، وهذا هو التأسيس، ويمكن أن نستعير صورة نقل الدم أو الأعضاء لنتحسس ضرورة التأسيس، فمن السذاجة أن نضخ الدم أو نزرع العضو ثم ننتظر النتيجة: يستجيب أم لا يستجيب؟! إن عمليات التهيئة والإعداد في عملية دقيقة كهذه أخطر بكثير من الإنجاز الميداني. وكذلك الأمر في عالم التربية والأخلاق.

والتأسيس المقصود هنا نظري وعملي؛

فالتأسيس النظري يمثل عملية المراجعة لتهيئة القناعات وتوجيه التصورات، أو بعبارة أخرى صناعة الإخلاص .

– أما صناعة الصواب فتحتاج لتهيئة عملية واستعداد مادي للإنجاز، وهذا ما أقصده بالتأسيس العملي.

وإذا أردنا تقريب الفكرة أكثر نصوغها في تساؤلات. ففي سياق أي عملية تربوية لا بد من تحضير المتلقي وتزويده بإجابات كافية عن تساؤلات مثل: هل علي أن أتغير؟ لماذا يجب أن أبني ذاتي؟ وما الجدوى من العملية التربوية برمتها؟ هذه التساؤلات تعبر عن الحاجة لتأسيس نظري .

بعد الإجابة عن هذا الصنف من التساؤلات نحتاج لإجابات عن تساؤلات عملية تعبر عن الحاجة لتأسيس عملي، من مثل: كيف أتغير؟ وما السبيل إلى بناء ذاتي؟ …

ثانيا- مرحلة الإنجاز: بعد تحقيق المراجعة والتهيئة وتجميع ضمانات الإخلاص والصواب يكون البناء ممارسة وإنجازا ميدانيا بصياغة الذات وفق القناعات والتصورات النظرية على ضوء الكيفيات والآليات العملية.

ويتم البناء وفق أبعاد وعوالم الصياغة الثقافية روحيا ومعرفيا وسلوكيا وإنجازيا، أي بتكامل عوالم البناء الحضاري للذات المسلمة. فيتوجه العمل التربوي التغييري إلى بناء الروح كنقطة ارتكاز لتفعيل السلوك عبر ممر أساس هو أخلاق القلوب من توكل وتوبة ومراقبة ومحاسبة…

كما يتوجه بالتوازي إلى بناء العقل معرفيا، بالتأصيل لمنظومته العقدية والفكرية والمنهجية.

ويتوجه أيضا إلى بناء السلوك وفق منطق عملي جاد يراعي المسؤوليات والانسجام والجماليات.

ثم يتوجه مع ذلك إلى بناء القدرات والخبرات الانجازية المزودة للذات بالمؤهلات والكفاءات لتسيير الحياة والاتصال بها وفيها.

ثالثا- مرحلة المراقبة: لا تخفى على ذي لب ضرورة المراقبة الدائبة الدائمة لعملية البناء حتى لا تحيد عن أسسها وحتى يحمى الإنجاز ويحفظ من عوامل التلف التي تحملها إكراهات الواقع. والمراقبة وظيفة حاضرة في وعي المسلم في صورة روحية تجسدها التوبة كسلوك قلبي، وفي صورة معرفية يجسدها النقد الذاتي كسلوك عقلي، ثم في صور إنجازية يجسدها النقد الجماعي والضمير الجمعي. تصوير مادي وتاريخي وحتى لا يبقى الطرح في عالم المثل نعرضه على صورتين تطبيقيتين:

– صورة البناء المادي، فقبل الشروع في إنجاز أي عمران لا بد من تأسيس نظري يقوم به المهندس المعماري الذي ينجز البناء في عقله ثم على الورق ثم يخطط له في الميدان. يقوم المقاول بعد ذلك بالتأسيس العملي للمشروع فيحضر كل اللوازم ويتخذ كافة الإجراءات والاحتياطات.

يأتي إثر ذلك دور البنائين وأعوانهم في الإنجاز الفعلي لما خططه المهندس بما حضره المقاول. وسيشهد الميدان زيارات رقابة لتوجيه المشروع وحمايته من الأخطاء المؤدية لانهيار البناء وضياع الجهود والأوقات والأموال.

-بعد هذا التصوير المادي نستحضر صورة تاريخية أنموذجية تتمثل في بناء ذات النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة رضوان الله عليهم .

*بدأ البناء كله بالتأسيس النظري لصياغة شخص النبي -صلى الله عليه وسلم- وتحصينه ضد القلق الفكري الجاهلي، عبر تحصين خلقي [الصدق والأمانة] وتحصين تربوي [العزل الاجتماعي والخلوة].

وصاحب ذلك تأسيس عملي نمثل له بمحطات خاصة في سيرته -صلى الله عليه وسلم- من مثل شق الصدر والرؤيا الصادقة والإسراء والمعراج.

وكان الإنجاز الميداني عبر سلوكات النبي -صلى الله عليه وسلم- وتجاربه الحياتية التي صاغت ذاته الكريمة، في ظل تصرفاته الاجتماعية السوية منذ الجاهلية المنبنية على المخالطة والمشاركة الاجتماعية، ولنا العبرة ي مواقف كثيرة مثل حرب الفجار وحلف الفضول والتجارة والزواج بخديجة، ثم بمواقفه الدعوية سرا وجهرا، وإقامة وهجرة. وضمن كل ذلك كانت روح المراجعة والنقد حاضرة هي الأخرى، عبر المعاتبات الإلهية لبعض الاختيارات المفضولة كقصة الأعمى وأسرى بدر، بل وعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه روح المراجعة في مواقف كاختيار الحباب للموقع في غزوة بدر…

هذا عن ذاته -صلى الله عليه وسلم- ، وبنفس المنهج البنائي صاغ أصحابه:

* فقد أسس بناء ذواتهم نظريا عبر مرحلة الأرقم والشعب التي أجابت عن تساؤلاتهم التصورية للوجود.

كما أسس بناءهم عمليا عبر إجراءات ميدانية غطتها مرحلة الأرقم كذلك، مع بعض المحاولات كهجرتي الحبشة. ولذلك كان ذلك الإنجاز الأنموذجي الراقي روحيا ومعرفيا وسلوكيا وإنجازيا. ولنا في سيرة كل صحابي دروس عن رقي بنائهم وسمو ذواتهم، وتكفينا الإشارة إلى صفاء روح بلال المتحدي للألم، وسعة المنظومة المعرفية لسلمان الباحث عن الحقيقة، ثم قوة السلوك عند عمر بن الخطاب، وأعظم من ذلك الخبرة والقدرة في إنجازات الصديق رضي الله عن الصحالبة أجمعين..

أما روح الرقابة فنلمسها بجلاء في سلوك التائبين من أمثال الغامدية وحاطب وكعب…

مشكلات بناء الذات بعد هذه الوقفة مع مراحل بناء الذات المسلمة نظريا وتطبيقيا، أقول أن نجاح البناء قبل أن يتوقف على تلكم المراحل، يتوقف على معرفة الذات! نريد بناء الذات، لكن أي ذات؟ ما مدى معرفة الواحد منا لذاته؟ وهل نعرف حقا موقع ذواتنا من عملية البناء؟ أي: هل حددنا نقطة توقف البناءات السابقة، لننطلق منها في بناءات جديدة؟

إن الجهل بهذه الحقائق هو سر أدواء كثيرة أصابت الذوات المسلمة فأفسدت عليها صحتها. من أعظم هذه الأدواء:

الاستئنافية: فالكثير من أبناء الحركة الإسلامية خصوصا والأمة المسلمة عموما مولعون بالبدايات الصفرية، يعيدون الدورة التربوية تلو الأخرى كلما وقع انقطاع أو فتور أو فشل جزئي، دونما نقد ولا وعي بالمكتسبات المهدرة والأوقات الضائعة في نقض الغزل. فتجدهم يسخنون ويبردون كارين فارين لا يجاوزون مدى معينا، وكأني بهم يطلون على مشارف المدينة ثم يعود بهم الحنين والعجز إلى دار الأرقم!!

التراوح: أما المتراوحون فلا يعودون أدراجهم، لكنهم يستقرون في مستوى تربوي معين ولا يغادرونه، لضيق في الأفق وفقد ثقة في النفس، وابنهار فكري أو شخصي دفعهم لإغلاق باب الاجتهاد في بنائهم التربوي. والتراوح بلا شك يكبلهم بالركود فتأسن ذواتهم وتتعفن عقولهم في كهفهم في سبات لا يقظة منه!!

التردد: عندما يقوم البناء على ظنون لا على قناعات، وعلى حماس لا على إخلاص، حينها تنمو الذات المترددة، لا تثبت على مقال ولا على مقام. تملؤها الريبة والشك وسوء الظن، ولذلك نجد عصرنا يعج بالأمراض النفسية وبالحلول السحرية المختزلة في سورة قرآنية أو دعاء أو كوب ماء أو زيت مرقي!!

الفتور: تغلغل التخصص ­موضة العصر- في النفوس، وفي مناهج التربية وبناء الذوات، فتورمت الأبنية ونمت جدر على حساب جدر ونوافذ على حساب نوافذ، لذلك سرعان ما تخبو العزائم وتمل من الأحادية التربوية فتفتر وتضمر. وكأني بمسلمي اليوم بين مفرط في الجدية أو في الترويح، فلا يكاد الجاد يجد حتى يحتاج لمروح، ولا يزال المتروح يرفه عن ذاته حتى يصيبها القلق فتبحث عن هدف جاد تعيش لأجله.

التساقط: عندما نخطئ التقدير كما وكيفا يتساقط البناء.. كثيرا ما تراهن العمليات التربوية على ذوات من كيف منقوص ثم تتفاجىء بانهيارها في الطريق. وأحيانا يكون المنهج أو المنهاج المتبع فوق أو دون نوعية المؤطِرين أو المؤطَرين فيحدث حينها التساقط. وكم من مرة راهن البعض على الكم على حساب الكيف فكان الانفعال المفتعل ثم تلاه التساقط.

كل تلك المشكلات تدل على عدم اكتمال بناء الذات وسوء صياغة الشخصية، لذلك جاءت النوعية التربوية بتلك الرداءة والنقص الكمي والنوعي. ويمكن رد جميعها إلى عوامل منها:

– عدم حسم مشكلة البداية والنهاية في عملية بناء الذات.
– عدم الانفتاح على مجالات وعوالم جديدة.
– الفوضوية والفضائية في البناء. أقصد أن بعض المحاضن التربوية تمارس
– سياسة البناء الفوضوي للذوات فتصنع نوعا غريبا من الخلائط غير المتجانسة.
والبعض يؤسس لذات منبتة تعيش خارج مجال التاريخ، ليست بنت واقعها وعرف أهلها، لذلك تراها غريبة في شكلها وتفكيرها وممارساتها…
– الافتقاد إلى آليات الإخلاص والصواب وغياب المنهج وانتهاج العشوائية.
– الاستعجال وغياب روح الدأب والمواظبة وغياب الصبر وضيق الصدر.

ثنائيات البناء

بقي أن نشير إلى جملة حقائق تتعلق بموازنة البناء عبر ثلاث ثنائيات مؤثرة في عملية بناء الذات.

إن النجاح في بناء الذات المسلمة وصياغة الشخصية السوية لا يمكن أن يكون أبدا عملية فردية بل يجب أن يتم في سياق جماعي، فالجماعة تذلل صعوبات البناء وتختزل الوقت والجهد وتنقل الخبرة وتوزع المهام، وتضمن سلامة التأسيس ويسر الممارسة ودقة المراقبة وفعالية البناء ككل. والبناء الجماعي حصن وأمان من مخاطر الطريق. وإنما يأكل الذئب من الغنم الشاة القاصية.

لا بد من الموازنة الواعية بين البناء المادي والروحي. فالمهام الرسالية للروح لا يستوعبها إلا جسد سليم متحمل، كما أن الجسد الوديك يصير غير ذي قيمة مع خبو الروح، جثة فيل وأحلام عصفور! هل تغني الروح عن المادة؟ وأي رجاء في ذوات تهضم عشرات الكتب فكرا، ولا تقوى على حملها أو تحمّل الجلوس لمدارستها سويعات!

ثم لا بد من الموازنة الواعية كذلك بين البناء الكمي والكيفي. على العمليات التربوية الإسلامية أن تزود المجتمع بالكم والكيف اللازمين من الرساليين. ولذلك نرى المنساق وراء الكم يخرّج نوعيات مستعجلة نصف جاهزة، يلبسون ثوب المهندس ويحملون كفاءة التقني! وحتى توخي الكيف يقلل من فعالية وانتشارية الأنموذج الإسلامي في المؤسسات الاجتماعية.

هذه بعض الحقائق التي أراها ضرورية، لا يجب أن تغيب عن وعي كل من أراد فقه بناء الذات المسلمة مسترشدا بالنصوص القرآنية والحديثية والتجارب النبوية والبشرية سلفا وخلفا، ومستجيبا إيجابيا لإكراهات الواقع، حتى تتحسن النوعية التربوية الحركية كما وكيفا، فرديا وجماعيا، ماديا وروحيا. ويتزود المجتمع بذلك بذات مسلمة متكاملة متوازنة البناء، مؤسسة نظريا وعمليا، فاعلة ممارسة روحيا ومعرفيا وسلوكيا وإنجازيا، ومؤمنة مراقبة مسددة مقاربة، تصوغ الشخصية المسلمة الأصيلة المعاصرة، المؤهلة لريادة العملية التغييرية التي تعود بالمجتمع إلى سكة الإصلاح والصلاح، سكة البناء الإسلامي..

وختاما لا بد من القول أن هذه جملة خواطر تحتاج لأكثر تفصيل وتعمق، وإلى مزيد من الإثارة والإثراء من أهل الكفاية والكفاءة في مختلف التخصصات المرتبطة بالموضوع. وفي انتظار ذلك لا يجب التوقف عن إثارة القلق واستفزاز الواقع حتى لا يغلفنا النسيان وتستهلكنا يوميات الحياة فتشغلنا عن اهتمامات أساسية مثل موضوع مشكلات ومراحل بناء الذات.

محمد جبار

هل فكرت في أن تبني ناطة ساب!!

مرحبا بكم

أكتوبر 13, 2007

الحمد لله قيوم السماوات والأرض ، ونور السماوات والأرض ، خالق السماوات والأرض ، ومالك السمـاوات والأرض ، ومصـرف ما في السماوات والأرض ، له الحمد وبيده الملك ، وهو على كل شيء قدير ، نحمده سبحانه وتعالى ، تعددت آلائه ، وتعاظمت نعمائه ، وجل ثنائه ، وكثر عطائه ، فله سبحانه وتعالى ، الحمد كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه ، على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى ، حمداً كما يحب ربنا ويرضى .

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، سيد الأولين والآخرين ، نبينا محمد الصادق الوعد الأمين ، قائد المتقين ، وقائد الغر المحجلين إلى جنات نعيم ، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وعلى آله وصحابته ومن اقتفى أثره ، ونهج نهجه إلى يوم الدين ، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين .

ربنا اشرح صدورنا ونور قلوبنا ، وسكن نفوسنا ، وثبت على طريق الحق أقدمنا ، وحقق في طاعتك ومرضاتك آمالنا ، اللهم إن نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى ، وأن تجعلنا هداة مهديين ، اللهم خذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد ، وألهمنا الرشد والصواب ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وأنفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ينفنا ، ويرفعنا ، عندك يا رب العالمين .
أما بعد أيها الأخوة الكرام الأحبة :
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ..